هذه رواية فادية الفقير الروائية الأردنية التي تكتب باللغة الإنكليزية، والتي حققت رواياتها أعلى المبيعات في أوروبا وأميركا، وترجمت أعمالها إلى خمس عشرة لغة أجنبية ونشرت في تسع عشرة دولة، وتعد من الأصوات النسائية المهمة في العالم قاطبة.
تجري أحداث روايتها "أعمدة الملح" في الأردن في الأربعينيات والخمسينيات، خلال فترة الانتداب البريطاني. حيث تتشكل الدولة الأردنية من خليط اجتماعي وثقافي متنوع يحاول أن يجد لنفسه إطاراً سياسياً موحداً، عقب الاستقلال مباشرة. وفي أتون هذه المعادلة تبدأ أحداث رواية فادية الفقير حيث يفتتح صوت الراوي المشهد على بقايا الإنكليز المنسحبين، وهذا الراوي هو خليط غامض من شخص حقيقي وأسطوري، يحاول تصحيح أو تكملة الأحداث التي ترويها بطلتا الرواية مها، وأم سعد التي تعتبر قصتيهما سرداً للحقيقية وأطروحة مضادة لإفك الرواي.
وهكذا ندخل في حبكة مشوقة وغامضة ومتعددة الأوجه لحياة امرأتين تتبادلان القصص في مصحة للأمراض العقلية، ونتعرف خلال الرواية على الطريقة التي أوصلت كل امرأة الى المصحة، أم سعد حضرية تسكن المدينة ، وهي أم لثمانية أولاد، هجرها زوجها حتى يتسنى له أن يتزوج من واحدة أصغر منها. ومها بدوية ومزارعة، تعيش دراما وفاة زوجها الذي تحبه كثيراً، ومن خلال حكايتيهما نتعرف على صور الاضطهاد والإذلال التي تتعرض له النساء سواء في المدينة أو الريف.
تفضح هذه الرواية الأساطير والخرافات التي تجند لقمع المرأة والمصاعب التي تتعرض لها النساء في العالم العربي. والأهم هو قلم الكاتبة الرشيق، الذي صنع من هذه الأحداث مزيجاً حيّاً وثريّاً من الموروث الثقافي العربي والقيم الحياتية المعاصرة. بل سعت فادية الفقير إلى توليف أسلوب فني من الطراز الرفيع، وبحساسية تقع في الوسط بين النثر الانكليزي المبتكر والبلاغة العربية السامية.