من محطة القطارات في إسطنبول تبدأ أحداث هذه الرواية. من فاصلة بين زمنين حرجين: زمن الدولة العثمانية وزمن المرحلة الاستعمارية في العراق. منيف أفندي والشيخ أمين يمثلان انشقاق النخبة المثقفة بين المؤيدين للغرب وبين المساندين للخلافة الإسلامية، بين المعممين والأفندية، بين المتنورين والحالمين باستعادة الزمن القديم، وفي بغداد يدور زمن آخر، وحياة أخرى، هي أيضا فاصلة بين حقبتين تاريخيتين مهمتين، غير أن أحداثها التي تدور يراها محمود بك الضابط في الجيش العثماني حيث يرقب من برجه في القشلة مركز الحكم في بغداد تقهقر الجيش التركي وتقدم الجيش البريطاني، لكن هذه الأيام التي يرقب فيها هذا الضابط البغدادي سقوط بغداد وتراجع زمنها العثماني يستعيد في ساعاته الطوال حقبة ثقافية واجتماعية وسياسية كاملة، حقبة تنشطر فيها النخب إلى شطرين بين من يؤيد التحول إلى الحداثة الغربية، وبين من يحن للزمن القديم، زمن الاستبداد العثماني، وقد ختار الروائى على بدر أن تبدأ الأحداث قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، ويرصد عبر بطله منيب أفندى الذى يعشق كل ما هو أوروبى تحولات المجتمع العراقى والعربى خاصة بعدما بدأ الأتراك يغادرون بغداد، ليحل محلهم الإنجليز، ويتنقل على بدر بأبطال الرواية ما بين أسطنبول وبغداد فى تلك الفترة.
إنها من أهم ما كتب عن تلك المرحلة عبر خزين ومعرفة كبيرة بكل تفاصيل الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية لذلك العهد.