تتناول هذه الرواية مواجهة بين عناصر لا عسكرية من جيش نظامي الجيش العراقي ومجموعة من بدو الصحراء تشكك الدولة في ولائهم لها، الراوي هو أحد أفراد الجيش النظامي، وهو الناجي الوحيد من مجموعته، ويسجل أحداث تلك المغامرة على لسانه.
يكتب علي بدر أحداث روايته بصورة مشوقة، وببراعة محافظاً على قدر مستساغ من التوتر الممتع، والكاتب يدفع أحداث روايته باتزان وبقدرة فنية كبيرة، وتتميز هذه الرواية بانسيابية في تسلسل أحداثها، وهذا يضفي على صفحاتها متعة وتشويقاً، على الرغم من أن الرواية واقعية إلى حد الشعور بأنها من تجارب الكاتب الشخصية إلا أنها تتجاوز بالفعل واقعيتها، بما تحتويه من تأملات إنسانية متميزة، تتضح هذه التأملات في السرد الروائي بذكاء ورقة، فتتحول هذه الرواية إلى رواية فلسفية عن الزمن والتاريخ، والعبث والحياة تسير في إطار حبكة مشوقة، وصراع ضار بين البدو وجندي عراقي يكتب نشيده الخاص في فهم الصحراء والعيش فيها.
يقدم بدر بعض المواقف الجميلة والمشوقة منها لحظة وجود الجندي (الراوي)، وهو ابن المدينة، حين يصير وحيداً في الصحراء بعد مقتل زملائه جميعاً، وشعوره بالحاجة إلى النجدة من أي إنسان، حتى لو كان عدوه، وشعوره بما يكفي من الهلع، وتنتابه هواجس المصير.
ولحظة وجود جساس، البدوي الشاب، القاتل، غريم الجندي الراوي، وهو ابن الصحراء، حين يجلس على شاطئ النهر في المدينة، وهو أسير ومقيد، فيبكي لمرأى نهر دجلة ومياهه التي بلا حدود. إنه يشعر بأن كثرة المياه إلى ذلك الحد تقلقل مبادئه وأعرافه كبدوي يعاني ندرة الماء، ولكنه لا يشعر بالهلع بل بالشجن فيبكي كإنسان متماسك لا يتوقع مساعدة من غير ذاته