تعيش فاطمة في قرية ملحقة بمدينة صغيرة نائية على حافة الصحراء، يسيطر عليها المتشددون الإسلاميون ويفرضون عليها قوانينهم. تتحول عائلة فاطمة إلى جانب المسلحين فتعمل مع أمها على خدمتهم. بعد أن يموت والدها بعملية انتحارية، تتزوج فاطمة من شاب عاطل عن العمل فاشل في حياته ينتهي إلى الاعتقاد بأنه لا يمكنه الحصول على أية قيمة رمزية في المجتمع إلا من خلال عملية انتحارية، يتحول فيها من فاشل إلى بطل. بعد مقتله يقرر المسلحون تزويجها إلى عنصر منهم، فتهرب إلى أوربا عن طريق أحد المهربين الذي يغتصبها في الطريق. تصل إلى بروكسل، فترمي النقاب وتتحول من فاطمة إلى صوفي، إلا أنها تعيش في شخصيتين، فاطمة التي تعمل صباحا مع شركة تنظيف، وصوفي الفتاة الأوربية التي تذهب كل يوم الى البار لتعود مع شاب وسيم إلى شقتها كنوع من الانتقام من زوجها الذي أخبرها أن سبب قيامه بعملية انتحارية هو حصوله على سبعين حورية في الجنة، فتقرر مضاجعة سبعين شابًا في أوربا. إلا أنها بالمصادفة تقع في حب أدريان، وهو شاب اسكندنافي يعمل مهندساً للطائرات في بروكسل. إلا أنه شاب غامض يخفي شخصيته الحقيقية، تكتشف صوفي كل مرة شيئا ما في حياته قد أخفاه عنها. ثم تكتشف بالمصادفة أنه من أصل لبناني مسيحي. قتلت عائلة والده جميعها أثناء الحرب، فينتقم الأب بقتل مجموعة من الفلسطينيين في مخيم، ولكن تفلت منه طفلة صغيرة تختفي عن ناظريه. يهرب الوالد إلى النرويج ويعمل هناك ليتزوج وينجب طفلا وهو أدريان ثم ينتقل إلى السويد للعمل والعيش، إلا أن شبح هذه الطفلة الناجية يظل يلاحقه، فيجن ثم ينتحر.
ثؤثر هذه القصة على أدريان كثيرا، ولا سيما أن الأب قد اعترف بجريمته في فيلم وثائقي مع مخرجة ألمانية، وقد حكت في الفيلم الفتاة الناجية وهي الآن شابة. فيذهب أدريان إلى بيروت ويتزوج الشابة الناجية من دون أن يذكر لها أنه ابن الرجل الذي قتل عائلتها. يحملها معه إلى السويد، وتنجب له ابنة، إلا أن الفتاة تعيش على الخوف من شبح الرجل الذي قتل عائلتها وتتخيل أن سيأتي لقتل ابنتها، فيهرب أدريان إلى بروكسل وهناك يلتقي صوفي.
ماذا حدث لصوفي، وكيف اكتشفت حياة أدريان الخفية...؟ هذا ما تخبره لنا رواية الكافرة.
مصابيح أورشليم
إدوارد سعيد في القدس، يرافقه مائير وإيستر، وهما من أبطال روايات إسرائيلية، حيث يقودانه في المدينة التي غيرت الكولونيالية معالمها، فأصبحت غريبة على ساكنها المحلي. إيستر ومائير مولودان في إسرائيل، وحالمان بدولة لا تتحقق أبداً: مائير المؤمن بدولة إسرائيل يفقد إيمانه بسبب الحرب ثم يخون إيستر مع سائحة أمريكية (مثل بطل يهودا عميخاي)، فتنهار حياة إيستر، وتجد أن كل شيء يحيط بها زائف، كل شيء في إسرائيل معرض للخلل والإنهيار، ومن خلال رؤية إدوارد سعيد، نصل إلى سردية فلسطينية عن القدس غير السردية الكولونيالية، سردية تناقض السردية الأولى وتهدمها. كل شيء قديم يتراءى خلف الشيء الجديد ويقضي عليه. المدينة مثل الطرس: كتابات تنكتب فوق كتابات، صور ترتسم فوق صور وكل كتابة تبدأ بالإمحاء. ترتسم على هذا الطرس كتابة أخرى لإدوار سعيد: حياته، مسيرته، الأشعار التي كان يحفظها وهو طفل، بيانات، موت، أحقاد، خرائط عتيقة، وهنالك الروايات الإسرائيلية المكتوبة عن القدس: روايات عاموس عوز، ديفيد غروسمان، ديفيد شاحور، إبراهيم بن يهوشوع، زوريا شيليف...أشعار وقصائد لمناحيم بياليك ويهودا عميخاي وغيرهما... من خلال هذا الكم الهائل من الوثائق، نصل إلى تكذيب الرواية الرسمية الإسرائيلية، ليبدأ سرد آخر مختلف: سرد اللاجئين والمطرودين والمنفيين، سرد المغيبين والمهمشين، ومن خلال الرواية المدحورة تتقهقر الرواية المنتصرة، وتظهر المدينة من تحت الطرس بكتاباتها الممحوة وذكرياتها المتروكة والمهملة، وإدوارد سعيد يواصل سيره وتوقفاته، ينظر إليها فترمم المدينة القديمة في عينيه، وتتقشر بنيتها الخارجية التي صنعتها الرواية الكولونيالية، وتتهاوى.