قلّ بين الرحالين الأقدمين من أبناء الغرب، من جاب أصقاع الأرض بنطاق واسع، كالذي فعله تافرنييه في رحلاته الست التي دار فيها أغلب الأقطار الأوروبية، وشاهد أيضاً بلاد الشرقين الأدنى والأوسط، بل بلغ به المطاف إلى جزر الهند الشرقية ووصل بلاد اليابان، ووصف كل ما مر به بما أتيح له.
ولما كانت غايتنا خدمة بلادنا العراقية، عمدنا إلى ما كتبه هذا الرحالة عن العراق، فنقلناه كاملاً إلى العربية، دون ما تغيير أو تحوير. بل تجاوزنا هذا الحد في بعض الأحيان، لاعتقادنا أن الموضوع لا يستتم إلا بوصل أوله بآخره. من ذلك أننا عندما نقلنا كلام المؤلف في وصف الطريق بين حلب وأصفهان مثلاً، اضطررنا إلى أن نساير المؤلف في خطواته من مدينة حلب حتى بلوغه مدينة أصفهان، أي أننا نقلنا جانباً من وصف المؤلف لشطر من بلاد سورية وشطر من بلاد إيران. ولو لم نفعل ذلك لجاء وصفه للبلاد العراقية التي مر بها مبتوراً ناقصاً.
والمؤلف، في حديث رحلاته، يكاد يتبع أسلوب اليوميات، فهو يدون ما يريد تدوينه بحسب تعاقب زيارته للمواطن التي يتكلم عليها.