عرض شيق لحياة دارون وكتابه وعلاقته بمرض الإيدز
ما علاقة لأيدز بالسياسة، بالحروب وبدارون؟ كتاب غريب يبحث في متغيرات العصر، وبالاستغلال السياسي لمرض يعد الأخطر في سلسلة الأوبئة التي عرفتها البشرية منذ أقدم العصور. ومثلها فهو يسري بسرعة رهيبة يودي بحياة الملايين، ويستمد شراسته من جهلنا بطبيعته. وتلك هي بواعث الفزع والرعب المصاحب لكل وباء.
وإذا كان الإنسان في العصور الأولي ، قد لجأ إلي الخرافة في محاولاته اليائسة لإتقاء الأوبئة ، فإننا نعلم أن الانتصار عليها ما تم إلا من خلال البحث العلمي والتخطيط الصحي. ولدينا اليوم في علوم الوراثة، المستندة إلي نظرية التطور الداروينية ، نسقا علميا يساعدنا على فهم التاريخ الطبيعي لوباء الأيدز,
كتاب مهم لكل مثقف ولكل سياسي فضلاً عن القاريء العام، وهو إذ يركز على المشهد الأفريقي، فإنه يقدم لنا صورة، محزنة ومرعبة، لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في مجتمعات أخرى، إن هي تعامت عن حقائق الأيدز، ورفضت التعامل مع الكارثة المحدقة بواقعية وعقل .
عند عودته في العام 1836 من رحلته التي دامت خمس سنوات حول العالم على متن السفينة البحرية العلمية بيغل ، بدأ تشارلز دارون ، يعيش حياتين منفصلتين بكل جدية . فعلى الملأ عُرف بأنه الجيولوجي المثابر المرموق الجوال في الأرياف ، أما في الخفاء فقد حمل أفكارا ستحدث ثورة في العالم . رحلة دارون التي كان مخططا لها عامان فقط، استمرت ما يقارب خمس سنين، وأنتجت معلومات إحيائية وجيولوجية لا تعد ولا تحصى إلى جانب أربعة وعشرين مدونة مملوءة بالملاحظات المكثفة. لقد قال دارون عن الرحلة بأنها: "أكبر الأحداث أهمية في حياتي حتى الآن." ومن الأمور التي أعدته لهذه الرحلة بشكل غير متعمد وعجيب في نفس الوقت هوايته للصيد، وتدريبٌ بسيط حصل عليه في العمل الجيولوجي الميداني، وقراءة نهمة لمذكرات الرحالة وللبحوث في التاريخ الطبيعي.