مصطفى تاج الدين الموسى

عن المؤلف

المؤلف مصطفى تاج الدين الموسى

قاص ومسرحي سوري، مواليد العام 1979، يعد من أشهر كتاب الجيل الحالي، صدر له: مزهرية من مجزرة، الخوف في منتصف حقل واسع، نصف ساعة احتضار، آخر الأصدقاء لامرأة جميلة،

قبو رطب لثلاثة رسامين

مصطفى تاج الدين الموسى


قليلة هي القصص التي تستقر في وجدان القراء، وقصص تاج الدين الموسى لها هذه الحظوة الاعتبارية عن جدارة واستحقاق، فهي لا تتسم فقط بثرائها الشعري، إنما تتسم بعمق أسئلتها، وبنائها وكشوفاتها وموضوعاتها وتحققاتها الرؤيوية. وهو أحد أشد القصاصين السوريين قوة في اجتراح السجلات اللغوية، وطرق الموضوعات العصية، وابتكار الأخيلة المتعددة. وفي جميع قصصه نلمس هذا القدر العالي من التركيب الفني لمفهوم الاستبصار، فالقصة لا تتوقف كما في مجموعته قبو رطب لثلاثة رسامين على الأداء الفني، إنما في بناء استبصارات غاية في العمق لها قرابة ملموسة مع الفلسفة وعلم النفس والتحليل الاجتماعي. هذه القصص التي تقدمها دار ألكا للقارئ العربي تنتمي إلى فن القصة الأبهى في العالم لكنها في الوقت ذاته تشيد لنفسها جغرافية وعرة، خطرة، ولاهبة، جغرافية شاسعة ترتكز إلى متخيل سريالي جريء عن حق واقتحامي

أمل الغريب ذو العينين العميقتين اللتين تسجنان في أعماقهما أسراراً كثيرة، تأمل برقةٍ عينيها الدافئتين وهما تنشدان موسيقى من سعادة وجمال، هي لمحتْ في أغوار عينيه صوراً ضبابية لقصصٍ غير واضحة من حياته. انحنى على خدها و شمّ بعمقٍ رائحتها، حبس نفسه في صدره، ليظل عطرها داخل رئتيه، حتى الرواد حبسوا أنفاسهم في صدورهم وهم يراقبونه. بعد هنيهة أحستها دهراً قبَّلها في خدها ببهاءٍ يليق بوجنة فراشة، فشعرتْ بدوخةٍ خفيفة في رأسها وكادت أن تسقط مغمياً عليها إثر القبلة التي لم تتذوق مثلها في كل سنواتها. الجميع صفقوا بحماس وكأنهم من قبَّلها وهم يصرخون (هييييييـه) ويبتسمون لأجل مشهد القبلة الذي أغرى شهية خيالهم لرسم قبلات هم أبطالها. عندئذٍ لوّح لهم الغريب ضاحكاً. أما النادلة فحلقتْ كعصفورةٍ بثغرٍ يمطر على وجوه الآخرين ابتسامات الحياء، ويدها على خدها وكأنها تحمي بقاء أثر أول قبلة غرامٍ في حياتها، لتحطّ على كرسيٍ جانب العجوز وقد احمرّ وجهها خجلاً.

اطلب الان

قالو عن الكتاب

مدونة ذات صلة